بحـث
المواضيع الأخيرة
مِنْ أَحْكَامِ وفضائل شَهْرِ شَوَّالٍ
صفحة 1 من اصل 1
مِنْ أَحْكَامِ وفضائل شَهْرِ شَوَّالٍ
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أمّا بعد:
فهذه بعض الوقفات مع شهر من أشهر الله تعالى، ألا وهو شهر شوّال المبارك، نسأل الله التّوفيق والإعانة..
-لماذا سمّي شهر "شوّال" بهذا الاسم ؟
اعلم أنّ العرب كانت قد سمّت الشّهور يوم سمّتها بحسَب ما يتّفق لها من الأحوال والأحداث، فكما سمّت شعبان لأجل تشعّبهم وتفرّقهم للبحث عن المياه، ورمضان لكثرة الرّمض والحرّ الّذي صادفهم خلاله، كذلك الأمر فيما يخصّ شهر شوّال، فهو مأخوذ من الشّول بمعنى الارتفاع، ومنه الظّاء المشالة، ولا يزال سكان المشرق إلى اليوم يعنون بها ذلك، فيقولون " شالها " أي رفعها، وقد ذكر العلماء سببين لذلك:
الأوّل : أنّ الثّمار والزّروع جفّت فيه، فالخير فيه يرتفع.
الثّاني : أنّ النّاقة تمتنع عن البعير فلا تدعه يطأها، فيقال: " شالت النّاقة "، ولعلّ العرب لذلك كانت تتشاءم من الزّواج فيه، فأتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فهدم هذا الاعتقاد، فقد روى مسلم عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ( تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي شَوَّالٍ وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي" قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا فِي شَوَّالٍ ).
-هل لشهر شوّال مزيّة تخصّه ؟
إنّ شهر شوّال من أشهر الحجّ، كما في قوله تعالى: (( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجّ ))
فيشرع للمسلم أن يدخل في حجّه من أوّل يوم من شوّال، ويظلّ محرما إلى يوم التّروية، أو يريد أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ من هذا الشّهر.
-ما هي العبادات المستحبّة في هذا الشّهر ؟
يستحبّ في هذا الشّهر أمران اثنان على وجه الخصوص:
أ)صيام ستّة أيّام منه ، وذلك لما رواه مسلم عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ )).
فأجر الصّائم لها مع رمضان كأجر من صام العمر كلّه، وتوجيه ذلك أنّ الحسنة بعشر أمثالها، فثلاثون يوما من رمضان بثلاثمائة، وستّة من شوال بستّين يوما، فالمجموع ثلاثمائة وستّون يوما، لو التزمها المسلم كلّ عام لصام الدّهر (( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ))
تنبيه : قد يقال: إنّ شهر رمضان قد يكون تسعة وعشرين يوما، فكيف يتمّ صيام الدّهر ؟
الجواب : اعلم أنّه قد روى البخاري ومسلم عن أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( شَهْرَانِ لاَ يَنْقُصَانِ شَهْرَا عِيدٍ: رَمَضَانُ وَذُو الْحَجَّةِ )).والمعنى لا ينقصان في الأجر وإن نقصا في العدد.
ب)ويستحبّ أيضا في هذا الشّهر الاعتكاف في أحد المساجد الثّلاثة [المسجد الحرام، والمسجد النّبوي، والمسجد الأقصى]، وذلك لما رواه البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ.
-ما حكم من صام ستّا من شوّال قبل أن يقضي ما عليه من صيام رمضان ؟
كره بعض العلماء ذلك لسببين اثنين:
الأوّل : أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ ))، والّذي لم يقضِ بعدُ ما عليه من رمضان، لم يصم رمضان، ولم يُتبِعه، بل قدّم عليه أيّاما من شوال.
الثّاني : إنّ على المسلم قبل أن يهمّ بالتّطوّع، عليه أوّلا أن يكمل الفريضة، فهو لا يدري متى يحلّ الأجل. ولا يُعقل أن يهبَ المسلم لصاحب الدّين مالا عل وجه التبرّع قبل أن يوفّيه حقّه ؟!
ومع ذلك فإنّ الصّحيح هو جواز صيام هذه الستّ قبل قضاء دين الصّيام، والدّليل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: ( كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ )..
فكانت تقضي رمضان في شعبان، ولا يمكن أن يُتصوّر أنّ عائشة لم تكن تصوم ستّا من شوّال ؟
-ما حكم من كان عليه قضاء من رمضان، ثمّ بدا له وسط النّهار أن يفطر ؟
-اعلم أنّ الصّحيح هو جواز الخروج من صوم النّفل، إذ المتطوّع أمير نفسه، وخاصّة إذا كان ذلك لعذر شرعيّ، كإجابة الدّعوة مثلا. ولكنّ الشّروع في قضاء صوم رمضان يجب إتمامه، لوجهين اثنين:
الأوّل : لأنّه صوم واجب، والمقرّر لدى أهل العلم أنّ فرض العين والكفاية يلزم بالشّروع فيه.
الثّاني : ثمّ لقد روى التّرمذي عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: كُنْتُ قَاعِدَةً عِنْدَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فَأُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَشَرِبْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: "إِنِّي أَذْنَبْتُ فَاسْتَغْفِرْ لِي !" فَقَالَ: (( وَمَا ذَاكِ ؟)) قَالَتْ:" كُنْتُ صَائِمَةً فَأَفْطَرْتُ"، فَقَالَ: (( أَمِنْ قَضَاءٍ كُنْتِ تَقْضِينَهُ )) قَالَتْ: "لاَ !" قَالَ: (( فَلَا يَضُرُّكِ ))، وفي رواية أبي داود: (( فلا يضرّك إن كان تطوّعا )).["صحيح سنن الترمذي" و"صحيح سنن أبي داود"].
فمفهوم هذا الحديث أنّه يضرّها لو كان قضاءً. فلا يجوز الخروج من صوم قضاء الفريضة.
وقد أرشد أمته إلى فضل الست من شوال، وحثهم بأسلوب يرغِّب في صيام هذه الأيام..
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: {من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر} [رواه مسلم وغيره].
قال الإمام النووي - رحمه الله -: قال العلماء: (وإنما كان كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين..).
ونقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك: (قيل: صيامها من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدهر فرضاً).
أخي المسلم: صيام هذه الست بعض رمضان دليل على شكر الصائم لربه تعالى على توفيقه لصيام رمضان، وزيادة في الخير، كما أن صيامها دليل على حب الطاعات، ورغبة في المواصلة في طريق الصالحات.
قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: (فأما مقابلة نعمة التوفيق لصيام شهر رمضان بارتكاب المعاصي بعده، فهو من فعل من بدل نعمة الله كفراً).
أخي المسلم: ليس للطاعات موسماً معيناً، ثم إذا انقضى هذا الموسم عاد الإنسان إلى المعاصي!
بل إن موسم الطاعات يستمر مع العبد في حياته كلها، ولا ينقضي حتى يدخل العبد قبره..
قيل لبشر الحافي - رحمه الله -: إن قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضان. فقال: (بئس القوم قوم لا يعرفون لله حقاً إلا في شهر رمضان، إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها).
أخي المسلم: في مواصلة الصيام بعد رمضان فوائد عديدة، يجد بركتها أولئك الصائمين لهذه الست من شوال.
وإليك هذه الفوائد أسوقها إليك من كلام الحافظ ابن رجب - رحمه الله -:
إن صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل بها أجر صيام الدهر كله.
إن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص، فإن الفرائض تكمل بالنوافل يوم القيامة.. وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل، فيحتاج إلى ما يجبره من الأعمال.
إن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان، فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالح بعده، كما قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها، كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى، كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها.
نبض الحروف- عدد المساهمات : 3
تاريخ التسجيل : 22/09/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت يناير 23, 2010 1:26 am من طرف Admin
» The Book of Eli 2010 للنجم "دينزل واشنطن" , مترجم
السبت يناير 23, 2010 1:21 am من طرف Admin
» فيلم أعز اصحاب
السبت يناير 23, 2010 1:04 am من طرف Admin
» شعبان الفارس
السبت يناير 23, 2010 12:56 am من طرف Admin
» شبه منحرف
السبت يناير 23, 2010 12:47 am من طرف Admin
» ميكانو بطولة النجمه نور
السبت يناير 23, 2010 12:34 am من طرف Admin
» فيلم عمرو & سلمى 2
السبت يناير 23, 2010 12:29 am من طرف Admin
» المش مهندس حسن " بحجم 260 ميجا
السبت يناير 23, 2010 12:22 am من طرف Admin
» للفيلم الكوميدى " مقلب حرامية " بحجم 254 ميجا
السبت يناير 23, 2010 12:16 am من طرف Admin